دور نهضة العلماء فى حماية بنشاسيلا، روح الوسطية لجمهورية إندونيسيا
تلعب جمعية نهضة العلماء منذ بداية تأسيسها على يد حضرة الشيخ هاشم أشعري دورا كبيرا فى نشر فهم الدين المعتدل، إذ تنتهج في دعوتها نهج المحبة و الرحمة، وفقا لمنهج الإسلام دين الوسطية و الاعتدال و الحب و التسامح.
يؤكّد التاريخ أن هذه الجمعبة حاملة راية الوسطية فى جمهورية إندونيسيا، طباقا ووفاقا لقوله تعالى “وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِّتَكُونُواْ شُهَدَاء عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً…”.(البقرة : 143) وعملا به.
أكدت هذه الأية الكريمة على نعمة الانتساب إلى دين الإسلام، إذ جعل الله تعالى أمّته وسطا بين الأمم شهيدة عليهم. والوسطية في الإسلام أبرز وأهم خصائص رسالته.
فماذ تعني الوسطية؟. هذه السمة المميزة تعني اتخاذ المنهج الوسط المعتدل دون تفريط ولا إفراط، كما تعني أنها أمر يحقق التوازن القائم على التوسط بين الطرفين المتضادين, فهي تدفع أهله على الالتزام بروح الإسلام هداه، فيقيمون العدل, وينشرون الخير، ويبذلون المعروف, و يحققون العبودية لله، ويعمرون الأرض, ويراعون حقوق الإنسانية بين البشر، ويعطون كل ذي حق حقه، فالوسطية هي الإعتدال في كل الأمور دينا و دنيا، فردا وجماعة ودولة. والوسطية أيضا التوسّط بين الثوابت والمتغيرات، والموازنة بين النصوص ومقاصدها، والدعوة إلى التسامح والتعايش مع الآخرين، ومحاورة الآخرين بالحسنى، والتعاون في المتفق عليه، والتسامح في المختلف فيه، والحرص على البناء لا الهدم ويرفض الجمود والتعصب والتشدد والتطرف والعنف.
ومما يدل على حماية نهضة العلماء لروح الوسطية الإسلامية فى إندونيسيا مشاركتها فى تشكيل فلسفة الدولة لجمهورية إندونيسيا المعروفة ب”بنشاسيلا” أي المبادئ الخمسة :
- الإلهية الواحدة
- الإنسانية العادلة المهذبة
- وحدة إندونيسيا
- الشعبية الموجّهة بحكمة الشورى النيابية
- العدالة الاجتماعية لكافة الشعب الإندونيسي
هذه المبادئ تتضمن روحا وسطيا و مفاهيم وسطية وهي المبادئ المعتمدة لحراسة دولة إندونيسيا وحفظ دين شعبها عامة والمسلمين خاصة.
فالأول دال على على أن إندونيسيا تتمسّك بوسطية الإسلام في مجال العقيدة، خلافا لمنكري وجود الإله، وهناك من أسرفوا فآمنوا بتعدد الآلهة.
والثاني الإنسانية العادلة المهذبة، هذا المبدأ ليس إلا هدفا من أهداف العمل بالمنهج الوسطي إذ به تتحقّق المساواة بين البشر ويمهّد لولادة الإنسان المعتدل المثقف، ويطابق هذا قوله تعالى : يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَىٰ أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ… (النساء : 135).
أما الوحدة فهي صفة محمودة أمر الله و رسوله بامتثالها، والوسطية تمثل مركز الوحدة و نقطة التلاقى بين الأطراف المتعددة، وطريقها الوحيد لتحقيقها.
ثم الشورى مبدأ لا تفارقها الوسطية لأن الاختلافات ضرورة حياتية فالمتوسط بينها هى الشورى.
العدالة الإجتماعية لكافة الشعب الإندونيسي أو لكافة الناس.
فتتمثل هذه الفلسفة المبادئ والقيم الإنسانية والاجتماعية، كالعدل والشورى والحرية وحقوق الإنسان التي ضمنها قوله تعالى “إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ” (النحل : 90). فكانت ولم تزل نهضة العلماء محافظة على بنشاسيلا ومدافعة عنها لوسطيتها ضد سوء الفهم المتداول بين الطوائف المتشددة كالوهابية والإرهابية.