تأسيس الفرع الخاص لجمعية نهضة العلماء بتونس
إن جمعية نهضة العلماء التي تأسست سنة 1926 بدأت تطأ قدماها على أنحاء العالم كلها، حتى تعتبر من أكبر الجمعيات الاجتماعية الموجودة في بلاد إندونيسيا، بل في العالم. حيث أنها لا يقل عدد أعضائها من تسعين مليون نسمة منتشرين في جميع أقطار تراب البلاد. وهي الآن لها فروعها الخاصة التي تنتشر في جميع أنحاء العالم، منها فرعها الخاص بتونس.
وقد لعبت هذه الجمعية دورا هامّا في خدمة دين الإسلام ونشر عقيدة أهل السنة والجماعة. وبالإضافة إلى ذلك، أصبحت هي حصنا لهذه العقيدة ببروز المعاهد الإسلامية المنتشرة في جميع أرض إندونيسيا تحت ظلها والتي تدرس فيها العقيدة الأشعرية. ويتميز أعضاء الجمعية بفهمهم الوسطي للدين وأخلاقهم الكريمة وتمسكهم القوي بالأعراف والتقاليد التي توافق الشريعة ولا تتعارض وبروحهم الوطنية العالية التي تستمد من شعار جمعيتهم بأن حب الوطن من الإيمان.
لقد أدى وجود هذه الجمعية إلى انتظام حركة علمية للطلبة الإندونيسين في تونس خاصة وللمجتمع التونسي عامة. وكانت تنظم لأعضاءها العديد من الأنشطة العلمية والتربوية والاجتماعية. فقبل الشعب التونسي وجود هذه الجمعية قبولا حسنا ويظهر ذلك من خلال انضمام مشايخهم إلى أن يصبحوا مستشارين لها ومشاركة مجتمعهم في بعض النشاط الأسبوعي أو الشهري أو السنوي.
وتعتبر هذه الجمعية حصنا متينا لأعضائها، يحصنهم من الأفكار المتطرفة ويغرس في نفوسهم فهما صحيحا في العقيدة المبنية على الوسطية والاعتدال، السليمة من التجسيم والتشبيه. والتي تقوم على أسمى المبادئ والأسس، حيث أنها تهدف إلى غاية واحدة وهي نصرة الله تعالى ورسوله، وتودّ أن تتمثل سفينة من السفن التي توصلنا إلى الجزيرة المنشودة وهي جنته النعيم.
وهذا ليس سوى الرسالة والفكرة التي جلبتها هذه الجمعية نفسها كما وردت في أيديولوجياتها الثلاث وهي الوسطية والتسامح والتوازن. والتي تشير إلى الدعوة الإسلامية المعتدلة وفقًا لفهم أهل السنة والجماعة الذي يعطي الأولوية للرحمة واللين والرفق والتيسير في تعليم الناس دينهم والتأدب في الوعظ بعيدًا عن فهم التكفير والتبديع حتى لا تثير القلق على مكان وجودها أينما كانت.
ولقد تحققت البعثة التعليمية التي أوفدتها الجمعية من خلال كوادرها إلى تونس ليدرسوا بجامعة الزيتونة وليدعموا استمرارية فرعها الخاص بتونس بحمل لواءها؛ وكان هؤلاء الطلبة يمثلون روحها وأظهروا أسلوب الدعوة الإسلامية الفعّالة، من خلال الأخلاق الكريمة والتسامح المتجذر في نفوس أعضائها. فنجحوا في ذلك بكل سهولة، لأنهم وجدوا أساتذتهم في الجامعة ومشايخهم في الحلقات العلمية إنما يركبون سفينة واحدة معهم، ألا وهي أهل السنة والجماعة الأشاعرة الوسطية المعتدلة.
ومن مظاهر نجاح فهم الوسطية لهذه الجمعية هو قبول إنشاء فرعها الخاص عام 2013 بتونس من قبل الدولة التونيسية وشعبها؛ حيث كانت تونس منذ عام 2011 تحارب الأفكار المتطرفة بشدة. وتراقب الحكومة التونسية جميع أشكال النشاط بما في ذلك تشكيل المنظمات الدينية على وجه الخصوص مراقبة شديدة. ولم يخف عن أنظارهم وجود هذه الجمعية مع أعضاءها ونشاطها؛ ورغم ذلك فرحوا بها وبعرضهم ببعض الثقافات الإندونيسية من فنون دفاع النفس والموسيقات والرقصات التقليدية وغير ذلك كتلاقح ثقافي يعطي بعدا إيجابيا يفيد المجتمع. ولقد تم أيضا إبرام اتفاقية بينها وبين جامعة الزيتونة في تبادل الطلبة والأساتذة والمؤتمرات والزيارات وغير ذلك. فقامت هذه الجمعية كجسر يوصل هذين البلادين إلى التعارف بينهما وإنشاء العلاقة الوتيدة بين الشعبين. وكل ذلك لن يتم إلا بمشاركة الطلبة الإندونيسيين الذين قاموا بتأسيس فرع جمعية نهضة العلماء الخاص بتونس.