ميزة تأسيس جمعية نهضة العلماء في تدعيم أهل السنة بإندونيسيا
نهضة العلماء هي جمعية إسلامية سنية في إندونيسيا، ويعتبر من كبار الجمعية في تلك البلاد، نجحت هذه الجمعية في تشكيل أشخاص وأفراد المجتمع الإندونيسيا من أجل استقلال البلاد من احتلال هولندا. تأسست هذه الجمعية في مدينة سورابايا(Surabaya) في 31 يناير عام 1926م، لا يخلو في تأسيسها دور كبير لعدد من العلماء الإندونيسي كالكياهي هاشم أشعري، والكياهي وهَّاب حسب الله، والكياهي بسري شانسوري، وغيرهم. ورئيس الأول أو كمؤسس لجمعية نهضة العلماء هو حضرة الشيخ الكياهي هاشم أشعري –رحمه الله-.
هناك عديد من الجمعيات الإسلامية في إندونيسيا قبل ظهور جمعية نهضة العلماء كجمعية الشركة الإسلامية (Sarekat Islam) أو الشركة التجارية الإسلامية (Sarekat Dagang Islam) عام 1905م والجمعية المحمّدية عام 1912م، والجمعية إتحاد الإسلام (Persatuan Islam). وكان في بداية أمرها تأسست الجمعية من أجل هدفين رئيسيين؛ الارتقاء بحال أبناء الشعب الإندونيسي دينيًّا وتربويًّا، ورعاية الأسر الفقيرة وتحسين أحوال معيشتها، وذلك عندما كانت البلاد ترزح تحت وطأة الاحتلال الهولندا، وقد كانت أحوال الشعب في تلك الفترة شديدة السوء، ولذلك كان لابد من النهوض بأحوال المواطنين عبر عمل مؤسسي كبير يتصدى لحمل هذا الشعب،
وفي بداية تأسيسها كانت الأماكن التي انتشرت فيها الجمعية نهضة العلماء هي جاوى الشرقية (Jawa Timur) ، وهي المركز الأساسي للجمعية، ثم انتشرت إلى جاوى الوسطى(Jawa Tengah) ، ومع مرور الأيام انتشرت الجمعية إلى جميع المحافظات الأخرى في جزيرة جاوى، والآن أصبحت كل منطقة في إندونيسيا إلا وللجمعية فرع ومسؤول تابع للجمعية –بركة من الله تعالى-، ففي الاجتماع الموسع يحضر خمسة آلاف ممثل للجمعية هم قادة الأفرع في المناطق المختلفة.
بروز هذه الجمعية لا يخلو عن اجتهاد ودعاء الأولياء والصلحاء على إقامة وإعلاء كلمة التوحيد –لا إله إلا الله-، واتحاد الأمة المحمدية ومحافظة على عقيدة أهل السنة والجماعة بعد ظهور الفرقة أو الجماعة الإصلاحية التي تعتمد على الكتاب والسنة وأرادوا إعادة الإسلام إليها.
وهناك بعض الروايات التي تحكي عن بشارة تأسيس جمعية نهضة العلماء، منها قصة حضرة الشيخ الكياهي هاشم أشعري مع الشيخ الكياهي خليل بنكلان (Bangkalan) حينما أرسل أسعد –يعني طالب الشيخ خليل- إلى تبو ئرنج (Tebuireng): عندما وصل أسعد إلى تبو ئرنج قام بتسليم التسبيح الذي كان يرتديه وطلب من الشيخ هاشم أشعري لأخذها بنفسه من عنقه، لا يعني ذلك أن أسعد لم يرغب تسليمه إلى الشيخ، وإنما قام أسعد بحفظ أمانة من شيخه تعظيما وتأديبا لها، ولم يرغب في لمس التسبيح باعتباره وكيلا من شيخه؛ لذلك لم تمس يد أسعد التسبيح أثناء سفره من بنكلان إلى تبوئرنج. وبعد أخذ التسبيح سأل الكياهي هاشم أشعري: “هل هناك رسالة أخرى من بنكلان؟” أجاب أسعد بأسمي الحسنى يا جبار يا قهار وكررها ثلاثا حسب أمانة شيخه، ولما سمع وفهم الشيخ عن ذلك، قال: أذّن الله أن نقيم الجمعية. هذه الرواية من إحدى الروايات على إشارة قيام جمعية نهضة العلماء (NU). وفي نهاية عام 1925 أرسل الشيخ الكياهي خليل بنكلان طالبه أسعد مرة أخرى إلى حضرة الشيخ هاشم أشعري، فأرسل معه تسبيح وقرائة أسماء الحسنى (يا جبار يا قهار). وهناك دليل آخر عام 1924م طلب الشيخ الكياهي خليل بنكلان طالبه أسعد بتسليم عصا إلى تبوئرنج ويرافق معه مجموعة من الآيات القرآنية سورة طه آية 17-23 التي تحكي عن معجزة نبي الله موسى عليه السلام.
في عام 1924م جاء الكياهي عبد الوهاب حسب الله إلى حضرة الشيخ هاشم أشعري، وبلغ ارادته على تأسيس الجمعية وطلب من الشيخ الموافقة عليها، فالشيخ هاشم أشعري –السيد الأمة الإسلامية في جزيرة جاوى حينئذ- لم يقرر شيئا إلا بعد صلاة الاستخارة وطلب البشارة من الله تعالى. لم يلهم الله تعالى على الشيخ هاشم اشعري على استخارته، وإنما ألهم الله تعالى على يد شيخه الشيخ خليل بنكلان -الذي هو الشيخ لكياهي هاشم وكياهي عبد الوهاب حسب الله-. وحينئذ قام أسعد –تلميذ الشيخ خليل- وسيلة بين شيخه والشيخ هاشم أشعري على تحقيق ما ألهمه الله تعالى لإقامة الجمعية النهضة للمجتمع المسلمين في إندونيسيا.
هذا يدل على أن جمعية نهضة العلماء ليست كبقية الجمعية الموجودة في إندونيسيا، وإنما لها مزية خاصة وهي هدية من الله تعالى لهذه الأمة وتكون وعاء لاتحاد الأمة والمحافظة على فهم أهل السنة والجماعة واستجابة لمشاكل دينية مختلفة، وتأكيد المدارس، وكذلك لأسباب وطنية واجتماعية. والله أعلم